للجهلاء هذه داعش

 للجهلاء .. هذه داعش

د. محمد الجارالله

     يقع بعض الجمهور العربي بصفة عامة والسعودي والخليجي بصفة خاصة في اشكالية كبيرة حيال داعش وكيف تكونت وماهو الهدف من انشائها.

     داعش لُبست ثوبًا سنيًا - اوضحت ذلك سابقًا في عدة مقالات - لمحاربة المد الشيعي في العراق وسوريا، لكن في الواقع مايحدث عكس ذلك تمامًا - أشرت لذلك في مقالي السابق - نجح الفرس واليهود - اما الهدف الأساس من الانشاء فهو التهيئة لتقسيم العراق وسوريا على أساس طائفي - سنة وشيعة واكراد ومسيحيين - لخلق المزيد من المشاكل داخل البلدين، وإثارة النعرة الطائفية حتى تأكل الأخضر وتحطم اليابس، وينسى الجمهور العربي وجود إسرائيل عدو محتل لأرض فلسطين، ومن ثم التعامل معها دولة مجاورة.

     يعتقد وللأسف الكثير ان اغلب المنتسبين لداعش هم سعوديون وهذا عكس الواقع تمامًا فالقيادات الكبرى والصغرى في داعش ليست سعودية وعدد السعوديين  قليل مقارنة بالمنضمين اليها من الدول الأخرى - تونس وليبيا والجزائر وبعض الدول الاوروبية - لكن يضخم الإعلام العربي والعالمي ايضا أن السعوديين هم الأكثر حتى ينسجم ذلك مع احد الاهداف السابق ذكرها وهو التلبيس السني لداعش ومحاربة المد الشيعي.

     تلك الحقائق لم يقولها أحد من داخل السعودية أو حتى عربيًا، حتى يكون الحديث تلفيقًا، إنما الحديث لمسؤولين أمريكيين تحديدًا، وفي مقالي " الصهيونية المدرب .. امريكا اللاعب .. نحن الملعب" أشرت إلى ماصرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وقلت :أغنتنا هيلاري عن التهمة التي ستوجه الينا لو لم تتحدث وتعترف فيه أن الإدارة الأمريكية هي من قامت بتأسيس مايسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش - والهدف هو تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وأضافت أنه تم تحديد يوم 5/ 7/ 2013م لاعلان قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش - وكانت الإدارة الأمريكية تنتظر الإعلان لكي تعترف ومعها أوروبا فور الإعلان، وتقول هيلاري: سبق الإعلان قيامها بزيارة 112 دولة في العالم لهذا الغرض، وتضيف أنه تم الإتفاق مع بعض أصدقائنا - دول عربية بما في ذلك الخليجية - على الإعتراف بـ داعش حال إعلانها.

     تجاهل الإعلام ذلك متعمدًا حتى لا ينتبه أحد لما ترمي إليه وتخطط له الإدارة الأمريكية، وحتى لا يتعاطف أحد مع داعش لو عُلم أنها نبتة أمريكية، وحتى لا تثور الشعوب العربية والخليجية على حكامها لو علموا من اتفق مع ماتخطط له أمريكا من إنشاء داعش وسكوتهم على ذلك وهم مجبرون على السكوت وليس الصمت.

     مر هذا الأمر ببساطة على المثقفين والمفكرين العرب رغم معرفتهم بالحقيقة، والسبب هو اختلافهم مع التيار الديني الذي مع الأسف هو الآخر يعرف الحقيقة لكنه مسير مثله تيار المثقفين والمفكرين، والذي يسيرهم هم الساسة كيفما يريدون، وبغباء منقطع النظير سار التيارين - المثقفين والمفكرين من جهة والتيار الديني من جهة أخرى - مع مايبتغيه الساسة وأخذ الطرفين كل يرمي بحججه عن داعش فالتيار الأول يعتبر داعش سنة ارهابيين، والتيار الثاني يعتبر داعش تحارب لإعلاء كلمة التوحيد والوقوف ضد المد الشيعي الذي تقوده إيران بكل براعة، رغم أن كليهما بعيد عن الحقيقة.

     تحقق الكثير من إنشاء داعش وبقي القليل وهو ليس ببعيد من تحقيق بقية الأهداف، وانشغل الجمهور العربي بمن هي داعش، وصدقوا أنها تعمل من أجل المحافظة على الوجود السني داخل سوريا والعراق، والوقوف ضد الشيعة، وهنا يبرز مدى تفهم الامريكان للعقلية العربية، وأوجدوا لهم أرض خصبة ليتحاربوا عليها، ويصفي كل منهم للآخر بسلاح أمريكي وتتكسب أمريكا من خلال بيع السلاح على جميع الأطراف المتحاربة ويرتفع الإقتصاد الأمريكي بتشغيل مصانع السلاح المتوقفة عن الانتاج في الكثير من الأوقات، وبالتالي تفرض التقسيم كحل لابد منه.


ترنيمتي:


نام 

العرب وضيعوا أرضهم

والولد

ماصحوا 

وتناحروا في صحوهم 

والمنام

الغرب 

خطط وانتصر وضاع منا 

البلد

واكلوا 

أخضرنا ويابسنا ولا بقي

السنام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عاد من الموت وتربع على القارة

هل نجح مشروعنا الرياضي؟

رغد ترضع المي الملكي