رفاق الزمن الجميل
رفاق الزمن الجميل
د. محمد الجارالله
تعتبر الرفقة والصداقة من أنبل وأجمل وأسمى العلاقات بين البشر، إذا مابنيت على أساس التقدير والإحترام والمحبة والألفة، وأصدق العلاقات هي تلك التي ترسخ في الذهن مهما طال البعد والفراق، والعلاقات أيام الدراسة في مختلف مراحلها تبقى في الذاكرة والقلب وفي كل الجوارح، وتحرض القلوب الحنين للرفقاء والأصحاب والأصدقاء وتشعل الذاكرة الذكريات الحالمة خاصة في مرحلة الشباب وما مر فيها من تسلية ومرح وضحك وشقاوات بريئة.
ويحن الإنسان بطبعه إلى زمنه الماضي الجميل، ومن فضائل برامج التواصل الاجتماعي أنها تعيدك إلى ذكريات الصبا والطفولة والشباب، أحد هؤلاء الرفاق، عمل مجموعة على برنامج التواصل الاجتماعي الشهير - واتساب - وضم بعض من رفقاء الدراسة والأقارب وكنا نتجاذب أطراف الحديث فيما بيننا ونستعيد الذكريات الجميلة، إتسعت مجموعتنا وتم ضم مجموعة أخرى، وكلنا تخرجنا من الجامعة، منا من أكمل دراسته بعد الجامعة وبعض منا إتجه للسلك العسكري ووصل إلى رتب عالية، وبعضهم اكتفى بشهادته الجامعية وواصل مسيرته العملية، طرح أحد الرفاق فكرة تجمعنا لنعيد ونستعيد ذكرياتنا وهي فكرة بديعة دون أدنى شك وسنعمل على تحقيقها ربما لن يطول الوقت لتنفيذ ذلك، بطبيعة الحال نلتقي فرادى ومجموعات في المناسبات لكن أن نجتمع سويًا في يوم ومكان واحد تلك هي الفكرة الرائعة، وتكفل أحد الرفاق بإستضافتنا لكن بعض منهم اقترح مكانًا جميلًا في مكان دراستنا أيام الثانوية في محافظة العلا، والتي يطلق عليها عروس الشمال والجبال، والتي تشتهر بالزراعة وأغلب المنتوجات الزراعية يزرعها الأهالي في زمن مضى على العيون الجارية التي جفت حاليًا، وتشتهر العلا ايضا بالفن المعماري الفريد حيث أن بيوتها القديمة التراثية مصممة على هيئة الدفاع عن النفس والحماية من الكوارث الطبيعية، فهي بنيت على ربوة تحت سفح الجبل وتطل على البساتين ذات أشجار النخيل التي تعتبر من أهم مزروعات العلا سابقًا وحاليًا، بالإضافة إلى القمح والشعير والدخن، ومن ثم زرعت أشجار البرتقال والمنجا والزيتون، وبقية المنتوجات الزراعية، ويزرع في العلا شجرة الليمون الحلو والتي يندر وجودها في بلادنا وثمرها يشبه ثمرة البرتقال ويختلف عنه برقة طبقة قشرته الخارجية وكذلك لون الثمرة يميل إلى الإصفرار أكثر من اللون البرتقالي وطعمها حلوٌ لذيذ، وماء العلا عذبٌ ونقي، هاجر سكانها بيوتهم التراثية القديمة ، وعملت الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخرًا على ترميمها والإستفادة منها في المجال السياحي، وفي العلا مدائن صالح الشهيرة، التي أعلنت منظمة اليونسكو في عام ٢٠٠٨م اعتمادها أول موقع في بلادنا في قائمة التراث العالمي التي تضم الكثير من المواقع الثقافية والطبيعية.
بالرغم من حضارة العلا عبر التاريخ وقيمتها التراثية إلا أن ذلك لم يشفع لها الإستفادة من كافة الخدمات التي تساعد على جذب السياح من مختلف أنحاء العالم إليها، فبعض الدول المجاورة لبلادنا تعتمد على تراثها الحضاري في تسويقها سياحيًا ويأتي إليها السياح من أصقاع المعمورة لمشاهدة تراثها وارثها الحضاري، ويعود ذلك إلى قدرتها على التسويق لتراثها، واهتمامها به وتسهيل كافة الخدمات والعمل على توفيرها لراحة السائح الزائر عكسنا تمامًا، حيث بدأ الاهتمام متأخرًا كثيرًا ولا زال يحبو ولم ينطلق الانطلاقة المأمولة.
أعود إلى رفقاء الزمن الجميل وأشكر بدوري صاحب فكرة تجمعنا سواء في برنامج - الواتساب - أو فكرة اجتماعنا المرتقب، والشكر موصول لكافة الرفقاء والأحباب والإخوة الذين لبوا ورحبوا بالفكرة وساهموا في سرد ذكريات الدراسة وتذكر معلمينا الذين علمونا وبذلوا جهدًا في ايصالنا الى ما وصلنا إليه من مناصب ومكانة اجتماعية، وكنت أتمنى أن يسمح المجال لكتابة اسمائهم فردًا فردا، وليعذروني في عدم كتابة ذلك، ورفقاء الزمن الجميل منهم الطبيب و والدكتور والمهندس والمعلم والضابط ووو...الخ
وفي العلا كنا نقوم برحلات برية نتسامر فيها ومعنا أحد الرفاق - يجيد عمل المندي - وكثير ماكنا نخرج إلى بر العلا الجميل، ونمارس اللهو البرىء في ليالي العلا تحت ضوء القمر والنجوم، وايضا تقيم المدرسة لنا رحلات إلى عدة أماكن في العلا ذات الجو البديع والطبيعة الخلابة، وكنا نلعب الكرة مع بعضنا سواء في المدرسة أو في الحي، ولم يكن هناك نادي رياضي وإلا أصبح بعضنا لاعبين مشهورين، وفي زمننا كانت تقيم المدرسة مهرجانًا رياضيًا تمارس فيه كافة الالعاب الجماعية يحضره محافظ العلا - الأمير سابقًا - ومدير التعليم وأعيان العلا والاهالي.
يحدثني أحد الأقارب - ضابط في الجيش - أن دفعتهم الذين التحقوا بكلية الملك عبدالعزيز الحربية وتخرجوا ضباطًا يجتمعون دوريًا فيما بينهم في لقاء منتظم بحيث يجتمعون في نفس مكان إقامة من عليه الدور في تنظيم اجتماعهم وفي أي مدينة أو محافظة، وبهذه المناسبة أدعوا رفقائي رفقاء الزمن الجميل إلى تطبيق هذه الفكرة وتنفيذها لتوثيق عرى رفقتنا ومحبتنا لبعضنا بعضا. وفي ذات الوقت نستذكر وجهًا لوجه شقاوتنا وجدنا واجتهادنا ومثابرتنا وذكرياتنا.
ترنيمتي
اكتب
لكم يارفقتي باول الليل
بيتين
أنتم
رفاقي من بد كل
الخلايق
ورفاق ماتعكرها
الضوايق
@muh__aljarallah
تعليقات
إرسال تعليق